الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة
محاضرة بعنوان توجيهات للأسرة المسلمة
6062 مشاهدة
تربية الأبناء على الصلاة

كذلك من العناية والإصلاح: تربيتهم على الصلاة؛ امتثالا لأمر الله، قال الله تعالى: وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا كان عمر -رضي الله عنه- يوقظ أهله ولو كانوا صغارا يوقظهم للصلاة آخر الليل، يقرأ هذه الآية: وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا ولا شك أن هذا دليل على أن الصحابة حريصون على أن يمتثلوا أمر الله تعالى في هذه الآية.
وكذلك ذكر الله عن نبيه إسماعيل فقال تعالى: وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا مدح له حيث إنه من أنبياء الله, ذكر من عنايته بأولاده أنه يأمرهم بالصلاة والزكاة, وأنه بذلك رضي الله عنه, وكان عند ربه مرضيا.
وكذلك أي جاء في الحديث قول النبي- صلى الله عليه وسلم- مروا أولادكم بالصلاة لسبع واضربوهم عليها لعشر أولادكم يعني: ذرياتكم ذكورا وإناثا. مروهم: أمر تعليم, وأمر تأديب. بالصلاة لسبع: إذا تم له سبع فإنك تأخذ بيده إلى المسجد, وتعلمه الصلاة وآدابها, وتعلمه شروطها وأركانها؛ حتى يحبها ويألفها وهو صغير, فبذلك ينشأ يحب العبادة؛ فإن من أحب الصلاة أحب غيرها من سائر العبادات.
وإذا بلغ عشر سنين فقد قارب البلوغ, فيضرب عليها ضرب تأديب, ويزجر عن تركها, ويعلم أيضا الطهارة, وما يفسد الطهارة, وما يفسد الصلاة, ويؤكد عليه في أمرها، لا شك أن هذا تأديب من النبي -صلى الله عليه وسلم- لأمته؛ حتى يصلح أولادهم، وحتى ينشئوا نشأة حسنة.